Monday, February 13, 2012

فلما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إليهم قالوا يا محمد جئناك لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا قال نعم أذنت لخطيبكم فليقل


 روى  الطبرى قال 

قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي في أشراف من تميم منهم الأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر التميمي ثم أحد بن سعد وعمرو بن الأهتم والحتات بن فلان ونعيم بن زيد وقيس بن عاصم أخو بني سعد في وفد عظيم من بني تميم معهم عيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري وقد كان الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فتح مكة وحصار الطائف فلما وفد وفد بني تميم كانا معهم فلما دخل وفد بني تميم المساجد نادوا رسول الله صلى الله عليه و سلم من وراء الحجرات أن اخرج إلينا يا محمد فآذى ذلك من صياحهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج إليهم فقالوا يا محمد جئناك لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا قال نعم أذنت لخطيبكم فليقل فقام إليه عطارد بن حاجب فقال الحمد لله الذي له علينا الفضل وهو أهله الذي جعلنا ملوكا ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثره عددا وأيسره عدة فمن مثلنا في الناس ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم فمن يفاخرنا فليعدد مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا وإنا نعرف أقول هذا الآن لتأتونا بمثل قولنا وأمر أفضل من أمرنا ثم جلس فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لثابت بن قيس بن شماس أخي بلحارث بن الخزرج قم فأجب الرجل في خطبته فقام ثابت فقال الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه ولم يك شيء قط إلا من فضله ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا واصطفى من خير خلقه رسولا أكرمهم نسبا وأصدقهم حديثا وأفضلهم حسبا فأنزل عليه كتابه وائتمنه على خلقه فكان خيرة الله من العالمين ثم دعا الناس إلى الإيمان فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه أكرم الناس أنسابا وأحسن الناس وجوها وخير الناس فعالا ثم كان أول الخلق إجابة واستجاب لله حين دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم نحن فنحن أنصار الله ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ومن كفر جاهدناه في الله أبدا وكان قتله علينا يسيرا أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين وللمؤمنات والسلام عليكم قالوا يا محمد ائذن لشاعرنا فقال نعم فقام الزبرقان بن بدر فقال ... 
نحن الكرام فلا حي يعادلنا ... منا الملوك وفينا تنصب البيع ... 
وكم قسرنا من الأحياء كلهم ... عند النهاب وفضل العز يتبع ... 
ونحن نطعم عند القحط مطعمنا ... من الشواء إذا لم يؤنس القزع ... 
ثم ترى الناس تأتينا سراتهم ... من كل أرض هويا ثم نصطنع ... 
فننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا ... 
فلا ترانا إلى حي نفاخرهم ... إلا استقادوا وكاد الرأس يقتطع ... 
إنا أبينا ولن يأبى لنا أحد ... إنا كذلك عند الفخر نرتفع ... 
فمن يقادرنا في ذاك يعرفنا ... فيرجع القول والأخبار تستمع ...
وكان حسان بن ثابت غائبا فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم قال حسان فلما جاءني رسوله فأخبرني أنه إنما دعاني لأجيب شاعر بني تميم خرجت إلى رسول الله وأنا أقول ... 
منعنا رسول الله إذ حل وسطنا ... على كل باغ من معد وراغم ... 
منعناه لما حل بين بيوتنا ... بأسيافنا من كل عاد وظالم ... 
ببيت حريد عزه وثراؤه ... بجابية الجولان وسط الأعاجم ... 
هل المجد إلا السؤدد العود والندى ... وجاه الملوك واحتمال العظائم ... 
قال فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقام شاعر القوم فقال ما قال عرضت في قوله وقلت على نحو مما قال فلما فرغ الزبرقان بن بدر من قوله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لحسان قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال قال فقال حسان ... 
إن الذوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع 
يرضى بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وكل الخير يصطنع ... 
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا ... 
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع ... 
إن كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع ... 
لا يرفع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا ... 
إن سابقوا الناس يوما فاز سبقهم ... أو وازنوا أهل مجد بالندى متعوا ... 
أعفة ذكرت في الوحي عفتهم ... لا يطبعون ولا يرديهم طمع ... 
لا يبخلون على جار بفضلهم ... ولا يمسهم من مطمع طبع ... 
إذا نصبنا لحي لم ندب لهم ... كما يدب إلى الوحشية الذرع ... 
نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها ... إذا الزعانف من أظفارها خشعوا ... 
لا فخر إن هم أصابوا من عدوهم ... وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع ... 
كأنهم في الوغى والموت مكتنع ... أسد بحلية في ارساغها فدع ... 
خذ منهم ما أتوا عفوا إذا غضبوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا ... 
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شرا يخاض عليه السم والسلع ... 
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع ... 
أهدى له مدحتي قلب يوازره ... فيما أحب لسان حائك صنع ... 
فإنهم أفضل الأحياء كلهم ... إن جد بالناس جد القول أو شمعوا ... 
فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله قال الأقرع بن حابس وأبي إن هذا الرجل لمؤتى له لخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا وأصواتهم أعلى من أصواتنا فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فأحسن جوائزهم وكان عمرو بن الأهتم قد خلفه القوم في ظهرهم فقال قيس بن عاصم وكان يبغض عمرو بن الأهتم يا رسول الله إنه قد كان منا رجل في رحالنا وهو غلام حدث وأزري به فأعطاه رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل ما أعطى القوم فقال عمرو بن الأهتم حين بلغه ذلك من قول قيس بن عاصم وهو يهجوه ... 
ظللت مفترشا هلباك تشتمني ... عند الرسول فلم تصدق ولم تصب ... 
إن تبغضونا فإن الروم أصلكم ... والروم لا تملك البغضاء للعرب ... 
سدنا فسؤددنا عود وسؤددكم ... مؤخر عند أصل العجب والذنب ... 

المصدر: تاريخ الطبرى

No comments:

Post a Comment