روى المقريزى قال
المعز لدين الله أبو تميم معد ابن المنصور أبي الطاهر بن القائم أبي القاسم محمد ابن عبيد الله المهدي
قال: ولى الأمر بعد أبيه سلخ شوال وقيل يوم الجمعة سابع عشر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.
وأقام في تدبير الأمور إلى سابع ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وأذن للناس فدخلوا عليه وقد جلس لهم، فسلموا عليه بالخلافة، وكان عمره أربعا وعشرين سنة.
ومولده بالمحمدية على أربع ساعات وأربع أخماس ساعة من يوم الاثنين الحادي عشر من رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة.
ومدة أيامه ثلاث وعشرون سنة، وخمسة أشهر، وسبع عشر يوماً.
فلما كان في سنة اثنتين وأربعين جالت عساكره في جبل أوراس، وكان ملجأ كل منافق على الملوك، يسكنه بنو كملان ومليلة وبعض هوارة، ولم يدخلوا في طاعة من تقدمه، فأطاعوا المعز، ودخلوا معه البلاد، وتقدم إلى نوابه بالإحسان إلى البربر، فلم يبق منهم إلا من أتاه وشمله إحسان المعز، فعظم أمره.
وفي سنة سبع وأربعين عظم أمر أبي الحسين جوهر عند المعز، وعلا محله، وصار في رتبة الوزارة، فسيره في صفر منها على جيش كثيف، فيهم الأمير زيرى بن مناد الصنهاجي وغيره، فسار إلى تاهرت، وحارب قوماً، وافتتح مدنا، ونهب وأحرق، وسار إلى فارس فنازلها مدة، وسار إلى سجلماسة، وقد قام بها رجل وتلقب بالشاكر لله، وخوطب بأمير المؤمنين، ففر من جوهر فتبعه حتى أخذه أسيراً.
ومضى جوهر إلى البحر المحيط، فأمر أن يصاد من سمكه، وبعثه في قلال الماء إلى المعز، وسلك ما هنالك من البلاد فافتتحها، ثم عاد فقاتل أهل فاس حتى افتتحها عنوة، وقبض على صاحبها، وجعله مع صاحب سجلماسة في قفصين، وحملهما إلى المعز بالمهدية، وعاد في أخريات السنة.
وفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة كان إعذار المعز لدين الله الأمراء بنيه: عبد الله، وتزار، وعقيل؛ فحين عزم على طهورهم كاتب عماله وولاته من لدن برقة إلى أقصى سجلماسة، وما بين ذلك، وما حوته مملكته إلى جزيرة صقلية وما والاها، في حضر وبدو، وبحر وبر، وسهل وجبل، بطهور من وجد من أولاد سائر الخلق، حرهم وعبدهم، وأبيضهم وأسودهم، ودنيئهم وشريفهم، ومليهم وذميهم، الذين حوتهم مملكته، لمدة شهر، وتوعد على ترك ذلك، وأمرهم بالقيام بجميع نفقاتهم وكسوتهم، وما يصلح أحوالهم من مطعم ومشرب وملبس وطيب وغيره بمقدار رتبهم وأحوالهم، فكان من جملة المنفق في ذلك مما حمل إلى جزيرة صقلية وحدها من المال سوى الخلع والثياب خمسون حملاً من الدنانير، كل حمل عشرة آلاف دينار، ومثل ذلك إلى كل عامل من عمال مملكته ليفرقه على أهل عمله.
وابتدىء بالختان في مستهل ربيع الأول منها، فكان المعز يطهر في اليوم من أيام الشهر بحضرته اثنا عشر ألف صبي وفوقها ودونها، وختن من أهل صقلية وحدها خمسة عشر ألف صبي، وكان وزن خرق الأكياس المفرغة مما أنفق في هذا الإعذار مائة وسبعين قنطارا بالبغدادي.
المصدر: اتعاظ الحنفاء للمقريزى
No comments:
Post a Comment