روى المقريزى قال
وتفرق أ صحابهم في البلاد، وأظهروا الزهد والعبادة، يغرون الناس بذلك وهم على خلافه، فقتل أبو الخطاب وجماعة من أصحابه بالكوفة، وكان أصحابه قالوا له: إنا نخاف الجند فقال لهم: إن أسلحتهم لا تعمل فيكم.
فلما ابتدأوا في ضرب أعناقهم، قال له أصحابه: ألم تقل إن سيوفهم لا تعمل فينا ؟ فقال: إذا كان قد بدا الله فما حيلتي ؟ وتفرقت هذه الطائفة في البلاد، وتعلموا الشعبذة، والنأرنجيات، والنجوم، والكيمياء، فهم يحتالون على كل قوم بما ينفق عليهم، وعلى العامة بإظهار الزهد.
ونشأ لابن ديصان ابن يقال له أبو عبد الله القداح علمه الحيل، وأطلعه على أسرار هذه النحلة، فحذق وتقدم.
وكان بنواحي أصبهان رجل يعرف بمحمد بن الحسين، ويلقب بدندان، يتولى تلك المواضع، وكان يبغض العرب، ويجمع مساويهم، فسار إليه القداح، وعرفه من ذلك ما زاد به محله، وأشار إليه أن لا يظهر ما في نفسه ويكتمه، ويظهر التشيع والطعن على الصحابة، فاستحسن قوله، وأعطاه مالا ينفقه على الدعاة إلى هذا المذهب، فسير دعاته إلى كور الأهواز، والبصرة، والكوفة، والطالقان، وخراسان، وسلمية من أرض حمص.
وتوفي القداح ودندان، فقام من بعد القداح ابنه أحمد، وصحبه انسان يقال له أبو القاسم رستم بن الحسين بن فرج بن حوشب بن زاذان النجار، من أهل الكوفة، وألقى إليه مذهبه فقبله، وسيره إلى اليمن، وأمره بلزوم العبادة والزهد، ودعا الناس إلى المهدي، وأنه خارج في هذا الزمان، فنزل بعد، بقرب قوم من الشيعة يعرفون ببني موسى، فأظهر أمره، وقرب أمر المهدي، وأمرهم بالاستكثار من الخيل والسلاح.
واتصلت أخباره بالشيعة الذين بالعراق، فساروا إليه، وكثر جمعهم، وعظم بأسهم، وأغاروا على من جاورهم، وسبوا، وجبوا الأموال، وأرسل إلى من بالكوفة من ولد القداح هدايا عظيمة.
وأوفدوا إلى المغرب رجلين: أحدهما الحلواني، والآخر أبو سفيان، وقالوا لهما: إن المغرب أرض بور، فاذهبا فأحرثا حتى يجيء صاحب البذر.
فسارا، ونزل أحدهما بأرض كتامة، فمالت قلوب أهل تلك النواحي إليهما، وحملوا إليهما الأموال والتحف، فأقاما سنين كثيرة وماتا، وكان من إرسال أبي عبد الله الشيعي إلى المغرب ما كان.
المصدر: اتعاظ الحنفاء للمقريزى
No comments:
Post a Comment